فان هذا عجيب، إذ الموضوع بالنسبة إلى الحكم المرتب عليه يختلف عن المتعلق بالنسبة إلى الحكم المتعلق به، فان الاحكام قد يدعى بان متعلقاتها هي الطبائع لا الافراد لبعض الوجوه، وحينئذ فيوجد الحكم في عالم الاعتبار وجد الفرد أم لم يوجد، لكن هذا الكلام لا يأتي بالنسبة إلى موضوعات الاحكام، فان الحكم مترتب على وجودها الخارجي لا على الطبيعي، إذ مرجع الموضوع إلى ما اخذ مفروض الوجود في تحقق الحكم، فقبل وجود العالم لا حكم أصلا بوجوب الاكرام في قول المولى " أكرم العالم ". وقبل السفر لا حكم بوجوب التقصير.
وهكذا الحال في المعاملات، فان الملكية انما تترتب على البيع الخارجي، لا على طبيعي البيع، فلا ملكية بدون البيع خارجا. ومن الواضح ان نسبة سقوط القضاء إلى العمل نسبة الحكم إلى موضوعه لا نسبته إلى متعلقه، فهو لا يترتب الا على الوجود الخارجي للعمل لا طبيعي العمل.
وبالجملة: ما افاده (رحمه الله) يرجع إلى الخلط بين متعلقات الاحكام وموضوعاتها وتشريكها في الأثر. فالتفت.
الثالث: ما ذكره المحقق الأصفهاني (رحمه الله) أيضا مما يتعلق بما ذكره (قدس سره): من كون الصحة بمعنى سقوط القضاء في المأمور به الاضطراري أو الظاهري من المجعولات في بعض الأوقات. وتقريره: ان التعبير بسقوط القضاء مما لا محصل له بظاهره، إذ ليس القضاء من العناوين الجعلية كالملكية حتى يكون اسقاطه جعليا، بل هو فعل تكويني يأتي به المكلف، فلا معنى لاسقاطه ورفعه، فالمعقول ليس إلا ايجاب القضاء وعدمه، والمراد بسقوط القضاء عدم ايجاب القضاء بلحاظ مصلحة التسهيل الغالبة على المصحلة المقتضية للوجوب.
ومن الواضح: انه لا يمكن أن يكون المقصود ومحل البحث في الجعل وعدمه هو سقوط القضاء بهذا المعنى - أغني: عدم ايجابه -، إذ المفروض هو