لمحات الأصول - تقريرات البروجردي ، للسيد الخميني - الصفحة ٤٦١
فهو صحيح لو كان وقوع التعبد بها قطعيا، وليس كذلك؛ لأن الأدلة الدالة عليه ظنيات سندا، أو دلالة، أو كليهما (145)، ومثلها لا تدل على الإمكان، ولا تكشف عنه حقيقة. وليس الإمكان أمرا يمكن التعبد به شرعا؛ فإنه أمر عقلي، لا أثر عملي.
استدلال ابن قبة لامتناع التعبد بالأمارات ثم إن ابن قبة قد استدل على الامتناع بدليلين (2):
أحدهما: أنه لو جاز التعبد بخبر الواحد في الإخبار عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لجاز التعبد به في الإخبار عن الله تعالى، والثاني باطل إجماعا، فكذا الأول (3).
والظاهر أن مراده من " الإخبار عن الله " هو إخبار المتنبي عن الله تعالى

١٤٥ - اعلم: أن الأمارات المتداولة على ألسنة أصحابنا المحققين كلها من الأمارات العقلائية التي يعمل بها العقلاء في معاملاتهم وسياساتهم وجميع امورهم؛ بحيث لو ردع الشارع عن العمل بها، لاختل نظام المجتمع ووقفت رحى الحياة الاجتماعية، وما هذا حاله لا معنى لجعل الحجية له وجعله كاشفا محرزا للواقع بعد كونه كذلك عند كافة العقلاء، وها هي الطرق العقلائية - مثل الظواهر وقول اللغوي وخبر الثقة واليد وأصالة الصحة في فعل الغير - ترى أن العقلاء كافة يعملون بها من غير انتظار جعل وتنفيذ من الشارع، بل لا دليل على حجيتها - بحيث يمكن الركون إليه - إلا بناء العقلاء، وإنما الشارع عمل بها كأنه أحد العقلاء. وفي حجية خبر الثقة واليد بعض الروايات التي يظهر منها بأتم ظهور، أن العمل بهما باعتبار الأمارية العقلائية، وليس في أدلة الأمارات ما يظهر منه بأدنى ظهور جعل الحجية وتتميم الكشف، بل لا معنى له أصلا. (أنوار الهداية ١: ١٠٥ و ١٠٦).
٢ - وقد حكيا عن الجبائي أيضا، انظر فواتح الرحموت، المطبوع في ذيل المستصفى من علم الاصول 2: 131.
3 - معارج الاصول: 141.
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»
الفهرست