تحقيق المقام ثم إنه قد استدل على قبح التجري بالإجماع (1) والعقل (2).
أما الإجماع، فلا شبهة في عدم تحققه؛ فإنه مضافا إلى كون المسألة عقلية - كما قال الشيخ (3) - أنها ليست من المسائل الأصلية المعنونة في كلام قدماء أصحابنا، بل من المتفرعات التي ليست دعوى الإجماع عليها في محلها.
وأما العقل، فقد يقرر: بأن الحكم باستحقاق عقوبة العاصي دون المتجري، إناطة لاستحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار؛ لأن العاصي والمتجري متساويان إلا في تصادف قطع أحدهما للواقع دون الآخر، وهو غير اختياري (4).
وقد يقال: إن العقل يحكم باستحقاق المتجري للعقاب (5).
وأجاب عنهما الشيخ الأنصاري (رحمه الله): بأن العقاب على العصيان، إنما يكون على شرب الخمر اختيارا؛ فإن العاصي شرب الخمر اختيارا، والعقل إنما يحكم بتساويهما في استحقاق الذم من حيث شقاوة الفاعل، وسوء سريرته مع المولى، وخبث طينته، لا في استحقاق المذمة على الفعل المقطوع به (6).
أقول: ما أفاده من أن العاصي والمتجري مستحقان للذم من حيث خبث