بقي تنبيهان:
الأول: أن المحقق الخراساني (رحمه الله) - في أوائل مبحث الأوامر - ذهب إلى جواز التمسك بإطلاق المأمور به لكون الأمر عينيا فيما إذا شك في العينية والكفائية.
وأفاد في وجهه: أن الواجب الكفائي مقيد بعدم إتيان الآخر، وأما الواجب العيني فلا قيد له من هذه الجهة (1).
وقد عرفت مما قدمنا: أن الواجب الكفائي ليس من قبيل الواجب المشروط والمقيد بعدم إتيان الآخر، بل هو متعلق بجميع المكلفين على نحو الإطلاق، وسقوطه عن المكلفين بإتيان واحد منهم لا يدل على الاشتراط، بل إنما هو بحصول تمام المقصود وتمام متعلق الأمر، ولا يعقل أن يكون الأمر مشروطا بحصول متعلقه، مع أنه يلزم منه أن يكون الواجب العيني أيضا مشروطا، وهو كما ترى.
بل مقتضى التمسك بالإطلاق هو كون الوجوب كفائيا، فإن الواجب الكفائي - كما عرفت - لا يفترق عن العيني إلا في الإضافة إلى المتعلق؛ لأن متعلق الكفائي هو نفس الطبيعة، ومتعلق العيني هو الطبيعة المقيدة بصدوره عن كل واحد من المكلفين، وهو قيد زائد يرفع بالأصل.
نعم، ظاهر الأوامر هو العينية لا الكفائية، لكن التمسك بالظهور غير التمسك بالإطلاق، كما لا يخفى (62).