ففيه أولا: أن ما تعلق به النهي لم يكن عنوان الخروج؛ حتى يقال: إنه غير مقدور، بل ما تعلق به النهي إنما هو التصرف في ملك الغير، ولا إشكال في أن التصرف في ملك الغير - قبل الدخول - بأنحائه مقدورا للعبد، فيمكن له التصرف الطويل والقصير وبمقدار ساعة يكون نصفه الدخول ونصفه الخروج.
وبالجملة: إن جميع تصرفاته تكون مبغوضة للمولى وإن سقط الخطاب بعد اضطراره، ولا ينافي سقوط الخطاب المبغوضية وكون التصرف طغيانا.
وثانيا: أن تنظير المقام بشرب الخمر العلاجي مع الفارق؛ فإنه بعد الاضطرار لا تحدث فيما نحن فيه مصلحة ملزمة خارجية، يكون ارتكاب المحرم مقدمة لاستيفائها؛ فإنه ليس في البين إلا حرمة التصرف في ملك الغير - كما عرفت - وأما بعد الاضطرار إلى شرب الخمر للمرض، يصير شربه مقدمة لحفظ النفس الأهم منه، فشربه مقدمة لاستيفاء مصلحة ملزمة خارجية تكون أهم منه.
تذنيب: التصرفات الخروجية مقدمة للكون في الخارج قد قاس بعضهم المقام بمسألة الضدين، وقال: إنه لا مقدمية بين التصرف الخروجي والكون في خارج الدار لأجل التضاد بين الكونين، كما لا مقدمية بين الضدين من ناحية العدم والوجود (1).
ولا يخفى ما فيه لوضوح الفرق بين المقامين، فإن زمان وجود الضدين واحد في الخارج، ويكون بينهما تمانع، ويكون أحدهما مقارنا لعدم الآخر، فيقع البحث في مقدمية أحدهما للآخر وإن كان التحقيق عدمها.