الصحيح ما يكون مصداقا لذلك العنوان، فيترتب عليه أثره، وهو الطهارة، والمعاملة الصحيحة ما ينطبق عليها العنوان الكذائي، فيترتب عليها أثرها لا محالة.
ولا يخفى: أن بين مفهومي الصحة والفساد تقابلا شبيها بتقابل العدم والملكة؛ لأجل كون الموجود الفاسد غير صحيح متوقعا منه الصحة، ولأجل هذا التوقع يشبه بتقابلهما لأنفسهما؛ فإن الحقيقي منهما ما يكون في العدمي شأنية الوجود، كالكوسجية والالتحاء، والتوقع شبيه الشأنية.
تنبيه: الميزان في الاتصاف بالصحة والفساد ليس كل عنوان يوجد في الخارج - وقد يترتب عليه أثر وقد لا يترتب - يتصف بالصحة والفساد؛ كما أن الملاقي للنجس قد يترتب عليه أثر وهو النجاسة، وقد لا يترتب كماء الاستنجاء، لكن لا يقال للأول: إنه صحيح، وللثاني:
إنه فاسد، وأن القتل قد يترتب عليه أثر وهو القصاص، وقد لا يترتب كقتل الأب ابنه، ولا يتصف بالصحة والفساد.
بل الميزان في الاتصاف بهما: أن كل ما يوجده العقلاء بما هم عقلاء أو المتشرعة بما هم كذلك؛ بترقب حصول أثر أو آثار منه، ويترتب عليه ذاك الأثر تارة، ولا يترتب عليه اخرى، يقال: إنه صحيح أو فاسد، كالمعاملات؛ فإن العقلاء إنما يقدمون على إيجادها لأجل ترتب الأثر عليها، فإذا وجدت في الخارج - بحيث تكون مناشئ لتلك الآثار - يقال: إنها صحيحة، وإلا يقال: إنها فاسدة، وكالعبادات، فإن المكلفين يأتون بها لأجل ترقب ترتب الآثار عليها، فإذا وجدت كذلك يقال: إنها صحيحة، وإلا يقال: إنها فاسدة.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن للقوم مسلكين في إثبات دلالة النهي على الفساد: