لمحات الأصول - تقريرات البروجردي ، للسيد الخميني - الصفحة ٨٥
عن الباقي، ولا مجال للإمتثال ثانيا، ولو أتى عدة منهم بها دفعة، يكون كل واحد منهم ممتثلا، وتتحقق امتثالات، لا امتثال واحد من الجميع (18).
تنبيه:
لا ضابط في الأوامر الواقعة عقيب الحظر، حتى نرجع إليه في موارده، بل الفقيه لابد له من الاجتهاد في كل مورد مورد حسب اختلاف المقامات، ويستظهر من كل مورد ما هو مقتضى المقامات.

18 - وفيه: أن مناط وحدة الامتثال وكثرته بوحدة الطلب وكثرته ولو بالانحلال بوجه، فلو تعلق أمر بإكرام كل فرد من العلماء، يكون إكرام كل فرد واجبا برأسه، وله امتثال برأسه.
وأما مع تعلق الأمر بنفس الطبيعة متوجها إلى مكلف واحد، فلا يعقل أن يتكثر الامتثال بتكثر الأفراد ولا بتكثر الطبيعة؛ فإن تكثرها لا يوجب تكثر الطلب والوجوب ولو انحلالا، فلا يوجب تكثر الامتثال؛ ولهذا لو ترك الطبيعة القابلة للكثرة، لم يعاقب بعدد كثرة الأفراد، فلو تعلق الطلب بإكرام العالم بحيث لو أكرم واحدا منهم سقط الطلب، فترك العبد الإكرام مطلقا، لم يكن له إلا عقاب واحد بالضرورة، ومعه كيف يمكن أن يكون له امتثالات مع الإتيان بإكرام عدة منهم؟! فالامتثال فرع الطلب، كما أن العقوبة فرع ترك المطلوب، فلا يمكن الامتثالات مع وحدة الطلب، ولا استحقاق عقوبة واحدة مع كثرته.
ومما ذكرنا يظهر فارق قياسه بالواجب الكفائي؛ فإن الطلب هناك - على فرض كون الكفائي كما ذكر - توجه إلى كل مكلف بإتيان الطبيعة، فكل فرد ممتثل مع الإتيان دفعة ومعاقب مع الترك رأسا، ومع إتيان واحد منهم يسقط الطلب عن الباقي لرفعه موضوعه، فهناك طلبات كثيرة فامتثالات كثيرة، بخلاف ما نحن فيه، فلا تغفل.
إذا عرفت ذلك: فالحق عدم دلالة الأمر على المرة والتكرار؛ لأن المادة موضوعة للماهية بلا شرط، والهيئة للإغراء والبعث، أو لطلب الوجود، أو الإيجاد، وليس لهما وضع على حدة، ولا قرائن عامة تدل على واحد منهما، كما لا يخفى. (مناهج الوصول 1:
290 - 291).
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست