أما المسلك الثاني - أي كون الأمر بالسلوك ذا مصلحة جابرة، من غير أن تكون في المأمور به مصلحة، كما تكرر نظيره في كلمات المحقق الخراساني (1) - فأمر غير معقول؛ فإن الأمر وزانه وزان الإرادة التكوينية في عدم النفسية له، وكونه فانيا في المأمور به، ويتوسل به إليه، من غير أن يكون ملحوظا بذاته.
كما أن الإرادة بالنسبة إلى المراد كذلك، فلا يمكن أن تتحقق الإرادة لمصلحة في نفسها؛ لعدم النفسية لها، وكذا لا يمكن أن يتحقق الأمر لمصلحة فيه، وهكذا النهي، فإذا انسلخ الأمر عن كونه آلة للتوسل إلى المأمور به، وكانت له نفسية ملحوظة، يخرج عن كونه أمرا، وكذلك النهي، فلا يعقل أن يكون الأمر أو النهي لمصلحة فيهما.
مضافا إلى أنه لا يمكن أن تكون تلك المصلحة القائمة بنفس الأمر الغير المربوطة بالمكلف، جابرة للمصلحة الفائتة عليه، فأية مناسبة بين المصلحة في الأمر، والمصلحة في الواقع حتى تكون الاولى جابرة للثانية؟!
وأما المسلك الأول - أي كون نفس سلوك الأمارة ذا مصلحة كذائية - ففيه:
أن معنى سلوكها ليس إلا العمل بمؤداها على أنه مؤدى الأمارة، فلو فرض وجوب شيء، فأدت الأمارة إلى حرمته، فلازم هذا المبنى أن يكون في ترك العمل به - بما أنه مؤدى الأمارة - مصلحة جابرة لمصلحة الواقع، مع عدم تعقل كون العدم ذا مصلحة أو مفسدة.
مضافا إلى أن النهي عن الشيء، إنما ينشأ عن مفسدة العمل، والنهي هو