إن قلت: كما أن تعلق الأمر بشيء غير إرادي محال، كذا تعلقه بالأعم منه أيضا محال.
قلت: ليس المراد أن الأمر في التوصلي تعلق بأمر أعم من الإرادي، بل الأمر مطلقا - تعبديا كان أو توصليا - ليس إلا لإيجاد الداعي في المأمور، وبعثه إلى المأمور به لأن يريده ويفعله، لكن قد يكون لتسبيبه للداعي أو لنفس الداعي والإرادة، دخالة في الغرض، وقد لا يكون لها دخالة أصلا، بل الغرض يحصل بنفس الفعل بأي نحو اتفق وجوده، فالمولى يتوصل بالأمر لإيجاد الداعي للعبد كي يفعل بإرادته.
ولكن كونه في التوصلي مرادا، أو معنونا بداعي الأمر، أو قصد حصول العنوان وأمثال ذلك، غير دخيل في الغرض من الأمر؛ بحيث لو اتفق تحققه بلا إرادة وشعور لحصل به الغرض، وسقط الأمر المسبب من الغرض.
الأمر الثاني: في أخذ قصد التقرب في متعلق الأمر إن الأصحاب رضوان الله عليهم من الصدر الأول - على ما اطلعنا على كلماتهم - كانوا ينظمون قصد التقرب وامتثال الأمر وأشباههما، في سلك سائر القيود والشرائط الشرعية من غير تفريق بينها (1) إلى عصر الشيخ العلامة الأنصاري (رحمه الله)، فأبدى التفرقة بينه وبين سائر القيود والشرائط، وذهب إلى