ختام: حول كلام أبي حنيفة حكي عن أبي حنيفة أن النهي يدل على الصحة (1).
ويمكن تقرير كلامه: بأن الصحة من كل عنوان عبارة عن التام منه؛ بحيث يكون ما وجد في الخارج، ويكون متوقعا منه أن يكون مصداق ذلك العنوان، يكون جامعا لجميع الخصوصيات المعتبرة في ذلك العنوان؛ بحيث يصدق عليه العنوان، فالصحة أو الفساد لا يمكن أن يكون وصفا لذات العنوان؛ لأن كل عنوان لا يكون إلا نفسه، فطبيعة الصلاة لا تنقسم إلى الصحيح والفاسد؛ للزوم انقسام الشيء إلى نفسه وغيره، بل ما يتصف بهما إنما هو الموجود الخارجي الذي يتوقع منه كونه مصداقا للعنوان، فإن كان جامعا للخصوصيات المعتبرة في العنوان يكون صحيح ذلك العنوان، وإلا يكون فاسده، فإذن إذا تعلق نهي تحريمي بمعاملة أو عبادة، دل النهي على أن تحقق هذا العنوان في الخارج يكون مبغوضا، وأن المكلف قادر على إيجاد مصداقه في الخارج بجميع الخصوصيات المعتبرة فيه؛ لأن النهي لا يمكن أن يتعلق بغير المقدور، فإذا حرم على الحائض الصلاة أيام حيضها، يكون لا محالة إيجاد المصداق الجامع لجميع الخصوصيات مقدورا لها، والفرض أن الصحة من كل عنوان عبارة عن ذلك، وهذا معنى دلالة النهي على الصحة. هذا.
وفيه: أنه مغالطة وخلط؛ فإن المقصود من دلالة النهي على الصحة في العبادات إن كان أن عنوان هذا المفهوم يمكن أن يوجد في الخارج ولو لم يتقيد بقصد التقرب، فهذا أمر ممكن، لكنه ليس موردا لبحث الأعلام.