تذنيبان:
الأول: في استحقاق المثوبات قد اختلف كلمة أصحاب الكلام في أن هذه المثوبات - التي تكون في فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات والمكروهات - هل هي بصرف التفضل منه تعالى شأنه (1) أم العقل يحكم باستحقاق العبد؛ بحيث يعد عدم إعطائها قبيحا عليه تعالى (2)؟
والقائلون بالاستحقاق استدلوا: بأن حمل المشاق على الغير بلا أجر قبيح عقلا، ولا شك أنه في إطاعة المولى مشقات ورياضات للعبد، فلابد من جبرانها بالأجر والثواب (3).
ولا يخفى ما فيه من الوهن والخطأ؛ فإنه - مضافا إلى أن العبد وجوده وقواه وحركاته وسكناته مملوكة لله تعالى بالملكية الحقيقية القيومية، وفي مثلها لا معنى للاستحقاق - أن أوامر الله ونواهيه ألطاف عقلية؛ لإصلاح حال العباد وتزكيتهم وتطهيرهم، وإيصالهم إلى مدارج الكما لات النفسانية والفضائل الروحانية، أو حفظ النظام الذي يرجع نفعه إليهم.
وبالجملة: ليس في أوامره ونواهيه تعالى نفع له؛ فإنه غني عن العالمين، بل المنافع ترجع إليهم، وإنما أوامره ونواهيه كأوامر الطبيب ونواهيه؛