الانتزاعية التي جعلها شروطا للواجب لا تكون شروطا بمفاهيمها، بل بوجوداتها، ومعلوم أن الامور الانتزاعية موجوديتها بعين مناشئ انتزاعها، والغرض أن المناشئ متأخرة وجودا.
وعلى أي حال: إن الإشكال المعروف - وهو وجوب المقدمة في بعض الواجبات قبل وجوب ذيها - مرتفع؛ إما بتصوير الواجب التعليقي، أو بالالتزام بالشرط المتأخر، أو بالالتزام بالوجوب النفسي لأجل الغير لو دل دليل عليه.
بقيت تتمات لعلنا نتعرض لها إن شاء الله تعالى.
ومنها: تقسيمه إلى الأصلي والتبعي (1) وهذا تقسيم بحسب مقام الإثبات والدلالة، كما أن التقسيم إلى النفسي والغيري بحسب مقام الثبوت والواقع.
فالأصلي - على ما عرفه المحقق القمي (رحمه الله) - هو ما فهم وجوبه من خطاب مستقل غير لازم لخطاب آخر، وبعبارة اخرى ما يكون المتكلم قاصدا لإفهامه من الكلام.
والتبعي بخلافه، مثل دلالة الإشارة، كأقل الحمل المفهوم من قوله تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (2)، وقوله: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (3)، فإن دلالتها على أقل الحمل تكون بدلالة الإشارة، ولا تكون مقصودة، والواجب التبعي أيضا كذلك (4).