المبحث الثاني كثرة استعمال الأمر في الندب ادعى صاحب " المعالم " (رحمه الله)، أن كثرة استعمال الأمر في الندب في الأحاديث المروية عن أئمتنا (عليهم السلام)، جعلته من المجازات الراجحة في الاستعمال، المساوية للوجوب في الاحتمال، فإذا ورد منهم أمر بلا قرينة نتوقف فيه، ولا نحمله على الوجوب (1).
وأجاب عنه المحقق الخراساني (رحمه الله) تارة: حلا بأن كثرة الاستعمال فيه في الكتاب والسنة وغيرهما، لا يوجب صرف ظهوره عن معناه الوضعي؛ لأن الاستعمال إنما هو مع القرينة المصحوبة، وهو وإن كثر لا يوجب صيرورته مشهورا ليرجح أو يتوقف.
وتارة: نقضا بالعام فإنه مع كثرة استعماله في الخاص حتى قيل: " مامن عام إلا وقد خص " (2) لم ينثلم ظهوره في العموم ما لم تقم قرينة (3).
ويرد عليه: - مضافا إلى عدم ادعائه كثرة الاستعمال في الكتاب والسنة، بل ادعاها في الأخبار المروية عن الأئمة (عليهم السلام)، ولا ملازمة بينهما؛ فإن ما ورد عنهم وإن كان مأخوذا عنهما، ولهذا قال الصادق (عليه السلام) في جواب من قال له: إني احب أن تروي ما تروي لي مسندا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن كل ما أقوله فهو مما