وبما ذكرنا يتضح أمر آخر: وهو أن القضايا المشروطة قد يكون سوقها لأجل إفادة كون المشروط علة للجزاء، وقد يكون لأجل إفادة أن الجزاء ثابت للمشروط بهذا الشرط.
فالأول: كقول الطبيب: " إن شربت السقمونيا فيسهل الصفراء ".
والثاني: كقوله (عليه السلام): " إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء " (1).
فإن سيقت لإفادة العلية فلا مفهوم لها؛ لأن المتكلم لم يأت في كلامه بقيد زائد، بل أفاد أن " السقمونيا " مثلا علة لإسهال الصفراء.
وبالجملة: كلما كان إتيان الشرط لإفادة عليته للجزاء، ولا يكون فيه قيد زائد، لا يكون له مفهوم.
وإن سيقت على النحو الثاني، يكون لها مفهوم إن تم ما ذكر من أن القيود الزائدة في الكلام تفيد دخالتها على نحو ينتفي الحكم عند انتفائها (84).
إبانة: في دخالة القيد في الموضوع أو الحكم اعلم أنه بعدما ذكرنا (3): من أن مدار حجية المفهوم عند القدماء في جميع المفاهيم شرطا أو غيره على وجود القيد، وإن الظاهر من إتيان القيد في الكلام