فتحصل من ذلك: أن التقريبين كليهما صحيحان، وإن كان ما في " الكفاية " أتم وأصح؛ ضرورة عدم موجب للحاظ الإرادة الواقعية متقيدة بتسببها الخطاب الأولي؛ لعدم دخالته فيها، ضرورة عدم تقيد الإرادة الواقعية التي صارت منشأ للخطاب، بالتوسل إلى تحصيل المراد بالخطاب؛ فإن العلة لا يعقل أن تتقيد بطولها.
وليعلم: أن ما ذكرنا من ترجيح ما في " الكفاية " على ما في التعليقة - من بقاء الحكم الواقعي على فعليته، وعدم صيرورته شأنيا - إنما هو فيما إذا علم المكلف بالأمارة المؤدية إليه، وأما مع جهله بالحكم الواقعي وبالخطاب الأولي والثانوي المتعلق بالأمارة، فلا تعقل فعليته؛ ضرورة امتناع توجه الإرادة الفعلية والحكم الفعلي لغاية بعث الجاهل المطلق.
كلام حول جعل الحجية والطريقية وأمثالهما ثم إن ما أفاده المحقق الخراساني: من جعل الحجية (1) وكذا ما ادعى بعض الأعاظم من جعل الطريقية والوسطية في الإثبات والمحرزية (2) مما لا يرجع شيء منها إلى محصل؛ فإن الحجية وقاطعية العذر، ليست إلا حكم العقل والعقلاء باستحقاق المكلف للعقوبة في صورة مصادفة الطرق للواقع إذا ترك مؤداها، وحكمهما بقبح مؤاخذته وعقوبته في صورة عدم المصادفة إذا عمل