إذا علم ذلك يظهر: أن اختلاف الرتبة لا يرفع التضاد؛ لا فيما نحن فيه، ولا في باب الضدين. ولو صار اختلاف الرتبة مسببا لدفع التضاد، لجاز فيما نحن فيه أن يتعلق الوجوب بالموضوع، والحرمة بمعلوم الوجوب؛ لأن الشك في الحكم والعلم به كليهما من الحالات المتأخرة، ولجاز في باب الضدين تقييد الأمر بالمهم بإطاعة أمر الأهم؛ لأن الطاعة والمعصية أيضا كلتيهما متأخرتان عن تعلق الحكم بالموضوع.
بل الجواب عن إشكال التضاد في باب الضدين، هو ما عرفت سابقا (1) وسيأتي الجواب عنه فيما نحن فيه (2).
وأما ما أجاب به المحقق الخراساني (رحمه الله) في تعليقته: من شأنية الحكم الواقعي (3) وفي " الكفاية " أخيرا - مع تسليم انتزاع الحجية عن الحكم التكليفي -: بأن حكم الأمارة لما كان طريقيا للتوسل إلى الحكم الواقعي، فمع المصادفة لا يكون إلا الحكم الواقعي، ومع المخالفة يكون حكما صوريا، وإنما حكم به لأجل عدم الامتياز بين صورة المصادفة وغيرها، وإلا لا يحكم إلا على طبق ما هو المصادف لا غير (4).
فيمكن تصحيحهما بأن يقال: إن إرادة المولى - التي هي روح الحكم - إنما تعلقت بوجود الواجب الواقعي، أو عدم المحرم الواقعي، وهذه الإرادة صارت سببا للخطاب الواقعي؛ ليتوسل به إلى المطلوب، أو إلى رفع المكروه؛ أي أراد المولى بالخطاب انبعاث المكلف نحو المطلوب، أو انزجاره عن المكروه، إلا أن