لمحات الأصول - تقريرات البروجردي ، للسيد الخميني - الصفحة ١٦٢
لأن حقيقة النهي عبارة عن طلب الترك، فإذا صار متعلق الترك تركا، يصير معنى النهي طلب ترك الترك، وهو عين طلب الفعل.
وفيه: أن حقيقة النهي عبارة عن الزجر عن الفعل، لا طلب الترك، فلا تصح دعوى العينية.
نعم، لا بأس بأن يقال: إن الأمر عين النهي عن ضده العام؛ فإنه يصح أن ينسب إلى الآمر بفعل: " أنه زاجر عنه " على نحو من المسامحة، كما ينسب إلى الناهي عن فعل: " أنه طا لب لتركه ".
لكن لا بمعنى ثبوت تكليفين، حتى يلزم تعدد العقاب في صورة العصيان، بل بمعنى اتحاد البعث نحو الفعل مع الزجر عن تركه في الواقع ونفس الأمر، وإن اختلفا مفهوما (1).
الثالث: في الضد الخاص قد استدل على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده الخاص بوجهين:
أحدهما: أن إتيان الضد مستلزم لترك ضده، وترك الضد حرام؛ لكونه ضدا عاما للواجب، فإتيان الضد مستلزم للترك الحرام، والمستلزم للترك الحرام حرام، فضد الواجب حرام (2) (49).

1 - هذه العبارات تتميم موافق لما أفاد آية الله البروجردي، استفدنا من بعض تقريرات بحثه.
2 - انظر معا لم الدين: 67 / السطر 13، وقوانين الاصول 1: 114 / السطر 21.
49 - وهذا الدليل يبتني على ثلاث مقدمات:
إحداها: أن وجود كل من العينين مع عدم ضده متلازمان.
ثانيتها: أن المتلازمين محكومان بحكم واحد لا محالة.
ثالثتها: أن الأمر بالشيء مقتض للنهي عن ضده العام.
والدليل على الاولى: أن الضد لا يصدق مع ضده لبطلان اجتماعهما، فإذا لم يصدق هو لابد من صدق نقيضه؛ لبطلان ارتفاع النقيضين، ولما لم يمكن الصدق الذاتي بين الوجود والعدم فلابد وأن يكون عرضيا بنحو التلازم في الصدق، وهو المطلوب.
والجواب عنه: أن نقيض صدق إحدى العينين على الاخرى عدم صدقها عليها على نعت السلب التحصيلي لا الإيجاب العدولي، وإلا لزم ارتفاع النقيضين؛ ضرورة كذب الإيجاب العدولي أيضا؛ للزوم كون العدم صادقا على الوجود ومتلازما معه فيه.
هذا، مع أنه لا شيئية له حتى يكون ملازما لشيء.
مضافا إلى أن التلازم في الوجود يقتضي عروض الوجود للمتلازمين، فيلزم اجتماع النقيضين، فالغلط ناش من عدم اعتبار الحيثيات وتقديم الحمل على السلب وعدم التفريق بين السوالب المحصلة والموجبات المعدولة، وكم له من نظير.
والدليل على الثانية: أن المتلازم مع وجوب ملازمه إن لم يكن واجبا، فلابد وأن يكون محكوما بحكم آخر؛ لعدم خلو الواقعة عن حكم، والجامع بين ما عدا الوجوب هو جواز الترك، ومع جوازه يلزم إما خروج الواجب عن كونه واجبا، وإما التكليف بما لا يطاق.
والجواب أما أولا: أن العدم ليس من الوقائع؛ فإنه بطلان محض لا يمكن أن يكون - بما هو - محكوما بحكم، وما ترى من نسبة الحكم إلى بعض الأعدام، لابد من إرجاعه إلى مقابلاته، كوجوب تروك الإحرام وتروك المفطرات.
وثانيا: لم يقم دليل على عدم خلو الواقعة عن الحكم، بل الدليل على خلافه؛ فإن الواقعة لو لم يكن لها اقتضاء أصلا، ولم يكن لجعل الإباحة - أيضا - مصلحة، فلابد وأن لا تكون محكومة بحكم، والإباحة العقلية غير الشرعية المدعاة، ومع خلوها عن الجواز الشرعي لا يلزم المحذور المتقدم.
هذا، مع أنه لو سلم، فلزوم ما ذكر ممنوع.
وقد مر الجواب عن الثالثة. (مناهج الوصول 2: 17 - 19).
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست