بعدم المانعية، فقد يقال: إن قصد التقرب متعذر في هذا الجزء أو الشرط؛ فإن قصد التقرب عبارة عن كون الأمر داعيا إلى إتيان المأمور به، والفرض أن تعلق الأمر الضمني بهما مشكوك فيه، فلا يمكن قصد التقرب بهما (1).
والجواب: أن قصد التقرب إنما يكون بالأمر المتعلق بالطبيعة المأمور بها، لا الأوامر الضمنية، والفرض أنه حاصل.
مع أن المكلف ليس له داع في إتيان الجزء أو الشرط إلا احتمال أمر المولى، فهو قاصد للأمر الاحتمالي على فرضه، ولا يعتبر في قصد التقرب شيء زائدا على ذلك، - كما سنشير إليه - فالاحتياط في المشكوك فيه من هذه الجهة أيضا لا مانع منه؛ أي أن الإتيان بهما احتياط لإتيان كل ما يحتمل أن يكون دخيلا في المأمور به؛ من قصد التقرب وغيره، فيكون جائزا.
وأما الكلام في المتباينين فيما يستلزم الاحتياط فيه تكرار مجموع العبادة، كتردد الواجب بين كونه ظهرا أو جمعة، وتردد القبلة بين الجهات، فالأقوى فيه أيضا أن الإتيان بهما احتياط - أي إتيان للمأمور به الواقعي بجميع ما يعتبر فيه - فيجوز الإتيان بهما من باب الاحتياط؛ لأن الإشكال إن كان من باب قصد التقرب المعتبر في العبادة، فلا إشكال في حصوله؛ لأن المكلف لم يأت بهما إلا لأجل أمر المولى - أي لحصول المأمور به الواقعي - فهو متقرب به بما هو في الواقع مأمور به، وإن لم يعلم حين الإتيان أن القرب بأيهما حصل.
نعم، يحتمل أن يعتبر في العبادة العلم التفصيلي بالمأمور به حين الإتيان به، ولا يمكن رفعه بالتمسك بأصالة الإطلاق؛ لأنها إنما يتمسك بها فيما يمكن أخذه في المتعلق، والعلم بالأمر متأخر عنه، فلا يمكن أخذه فيه، وما لا يمكن