فيرد على الأول: أن صحة المؤاخذة إنما هي من الآثار العقلية التي يتأخر وجودها عن تحصل الأمر، ولا يمكن دخالتها في تقوم الأمر المتقدم عليها.
وعلى الثاني: أن الرجحان والرضا بالترك وعدمه، من مبادئ تحصل الأمر الوجوبي والندبي، فلا يعقل تقومهما بهما.
الرابع: دلالة الطلب على الإرادة دلالة عقلية إن دلالة الطلب على الإرادة وكشفه عنها، لا تكون دلالة وضعية جعلية، بل دلالة عقلية، كدلالة المعلول على علته وكشف الصادر عن منشئه ومصدره؛ فإن اللفظ الصادر عن المتكلم بما أنه فعل صادر منه كسائر أفعاله، يدل بالدلالة العقلية على أن فاعله مريد له، ومبدأ صدوره هو إرادة الفاعل واختياره.
كما يدل على أن صدوره إنما يكون لأجل إفادة، ولا يكون لغوا باطلا.
وكذا يدل على أن قائله أراد إفادة مضمون الجملة؛ أي الفائدة الخبرية أو الإنشائية مثلا، لا الفائدة الهزلية، وكل هذه دلالات عقلية، لا وضعية جعلية.
ويدل من حيث إنه لفظ موضوع، على أن المتكلم به أراد المعنى الموضوع له، لا المعاني المجازية، وسيأتي إن شاء الله في باب المفاهيم، أن دلالتها أيضا من قبيل الدلالات العقلية (1).
ومما ذكرنا يظهر النظر فيما أفاده المحقق الخراساني (رحمه الله): من أن صيغة الطلب والاستفهام والترجي وغيرها، تدل بالدلالة الالتزامية على ثبوت هذه الصفات، أو انصراف إطلاقها إلى هذه الصورة (2). انتهى.