وبعبارة اخرى: إن الأمر والنهي إذا تعلقا بعنوانين من مولى واحد، متوجها إلى مكلف واحد في زمان واحد، فهل يجب أن يكون بينهما تباين كلي بحسب الصدق، أو يمكن أن يكون بينهما تصادق، وجمع المكلف - بسوء اختياره - بين المأمور به والمنهي عنه في موجود شخصي وفرد خارجي، مما لا يوجب امتناع تعلق الأمر والنهي بعنوانين مختلفين؟
المقدمة الثانية:
بناء على ما ذكرنا - من تحرير محل النزاع والجهة المبحوث عنها في المسألة - إن المراد من الواحد في عنوانها هو الواحد الشخصي، الذي يكون مصداقا لمفهومين ومعنونا بعنوانين، لا الأعم منه ومن الواحد الجنسي أو النوعي؛ فإن الوجود هو ناظم شتات المفاهيم، وجامع متفرقاتها، والهوية الوجودية مما يمكن أن تتصادق عليها المفاهيم الكثيرة، وتتصالح فيها العناوين المختلفة.
وأما المفاهيم الكلية - مثل مفهوم الصلاة في المغصوب - فلا تكون واحدا بوجه، فإن مفهوم الصلاة شيء، ومفهوم المغصوب شيء آخر؛ لأن المفاهيم من ذاتيها الاختلاف والغيرية، واجتماعهما مجرد اجتماع لفظي أو اعتباري؛ بحيث لا يرجع إلى الوحدة حقيقة.
وبالجملة: الواحد في عنوان البحث هو الواحد الشخصي الذي يكون معنونا بعنوانين، يكون أحدهما مأمورا به، والآخر منهيا عنه.
المقدمة الثالثة:
قد فرغنا سابقا عن ميزان المسألة الاصولية، فلا نطيل بالإعادة، وبحسب ما ذكرنا - من كون موضوع علم الاصول هو الحجة في الفقه - لا تندرج تلك