المبحث الثالث في التعبدي والتوصلي كان الترتيب الطبيعي يقتضي بيان التعبدي والتوصلي وماهيتهما وما تقتضيه كل منهما، ثم تفريع مورد الشك فيهما واقتضاء الأصل عليه، لكن المحقق الخراساني (رحمه الله) جعل حال الشك أصلا، وجعل بيان ماهيتهما من مقدماته (1).
وكيف كان، فهاهنا امور:
الأمر الأول: في تعريفهما الواجب والندب التعبديان، ما لا يسقط الغرض منهما إلا بإتيانهما مرتبطين بالمولى، ومتقربا بهما إليه، سواء تعلق بهما أمر أم لا، فتعظيم المولى ومدحه وثناؤه، تكون تعبدية وإن فرض عدم تعلق الأمر بها، لكن لابد من إتيانها تقربا إليه تعالى؛ لأن الإتيان بها لا يسقط الغرض كيفما اتفق، بل لابد وأن تكون مرتبطة بالمولى، ومقصودا بها حصول عناوينها.
والتوصليان منهما ما يسقط الغرض بنفس وجودهما مطلقا، سواء اتي بهما تقربا إليه تعالى أم لا، وسواء قصدت عناوينهما أم لا، بل لو وجدا بلا إرادة واختيار وفي حال النوم والغفلة، لحصل الغرض منهما (12).