الشارع، ومعلوم أن الأمارات عند العقلاء ليست إلا طريقا إلى الواقع، وكاشفات عنه - فقبح إيجاب العمل بالأمارات والتعبد بها، إنما هو فيما إذا فوتت الأمارة المصلحة، أو أوقعت في المفسدة.
وأما مع جهل المكلف بالأحكام الواقعية؛ بحيث لو تركه الشارع على جهله يرى وقوعه في خلاف الواقع كثيرا، ويرى أن في جعل الأمارة على الواقع إيصالا له إليه، أكثر مما لو تركه على حاله، فلا قبح فيه، وتخلف الأمارة عن الواقع إذا كان قليلا - في مقابل الإصابة، وفي مقابل جعل الأمارة - شر قليل، في قبال الخير الكثير، ولا يترك الخير الكثير لأجل الشر القليل.
مع أن وقوعه في الخلاف أيضا، من تبعات جهله، لا من تبعات التعبد بالأمارة، وعدم القبح في هذه الصورة إنما هو بحسب تشخيص الشارع كثرة الإصابة وقلة المخالفة.
ولو فرض أن المكلف يرى انفتاح باب علمه إلى الواقع، وتوهم أن التعبد بالأمارة موجب لصرفه عن علمه بالواقع، ورأى الشارع أنه جاهل مركب، فلا يكون تعبده بالأمارة قبيحا.
نعم، لو فرض انفتاح باب العلم حقيقة، وأن التعبد بالأمارات موجب لتفويت المصلحة، والإيقاع في المفسدة، يكون التعبد بها قبيحا (146)، لكنه فرض