التنبيه الثاني: جريان النزاع في العامين من وجه إن جريان النزاع في العامين من وجه مما لا إشكال فيه، وكذا يجري فيما إذا كان المنهي عنه أخص مطلقا بحسب المورد، لا من قبيل المطلق والمقيد مفهوما - أي ما اخذ مفهوم المطلق في المقيد - لتأتي مناط الجواز الذي ذكرنا في العامين من وجه فيه، طابق النعل بالنعل؛ لأن الأمر إنما تعلق بجهة، وتكون تلك الجهة تمام الموضوع للأمر، ولا يعقل تسريته من موضوعه إلى عنوان آخر - أي عنوان كان - والنهي كذلك. ففي الصقع الشامخ من النفس - الذي يكون مورد تقدير موضوعات الأوامر والنواهي، ومحط تعلق الإرادة وتقدير المصالح والمفاسد، الذي هو قبل تحقق المتعلقات - لم تكن موضوعات الأوامر والنواهي مختلطات بعضها مع البعض، ولا متحدات كذلك، وإنما الاتحاد يتحقق في صقع متأخر ووعاء نازل، هو وعاء الوجود العيني التكويني، لا وعاء الوجود العقلي التقديري.
وقد عرفت: أن الوجود الخارجي لم يكن معروضا للأمر ولا النهي، ولا أن الوجوب والحرمة عرضان خارجيان حالان في الموضوعات الخارجية.
وقد عرفت [أيضا]: أن معنى إطلاق المتعلق في الأمر والنهي هو كونه تمام الموضوع لهما من غير دخالة شيء آخر - أي شيء - فيه. وفي مقابله عدم الإطلاق، وهو كون المتعلق - بحسب الإرادة الاستعمالية - هو بعض الموضوع،