نعم، بين النهي التحريمي والتنزيهي فرق من جهة اخرى، غير ما هو محل البحث ومحط النزاع، وهو أن القائل بالاجتماع يمكن أن يذهب إلى بطلان العبادة في مورد الاجتماع في الموجود الخارجي؛ لما عرفت (1) من أن المبعد لا يمكن أن يصير مقربا، وهذا الملاك إنما يكون في النهي التحريمي.
وأما النهي التنزيهي فلا يكون متعلقه مبغوضا للمولى، ولا إتيانه عصيانا وطغيانا عليه، ولا مبعدا للعبد، فصحة العبادة في مورد الأمر والنهي التنزيهي مما لا مانع منه عقلا.
التنبيه الخامس: بعض أدلة المجوزين استدل المجوز على مدعاه - مضافا إلى ما عرفت - بأن أول الدليل على الإمكان هو الوقوع، وقد وقع الاجتماع في الشريعة، كالعبادات المكروهة، مثل الصلاة في مواضع التهمة، وفي الحمام، والصوم في السفر، وبعض الأيام مثل يوم عاشوراء، وقد عرفت أن ملاك الامتناع - على فرضه - موجود في الأوامر والنواهي قاطبة لتضاد الأحكام بأسرها، فإذا وقع في مورد الأمر الإيجابي والنهي التنزيهي، أو الأمر الندبي والنهي التنزيهي، فذلك يدل على الإمكان والجواز في مطلق الأوامر والنواهي (2).