حكم من تاب بعد دخوله في ملك الغير نعم، هنا أمر آخر: وهو أن العبد - بعد دخوله في ملك الغير عن عصيان - لو تنبه وتاب عن عمله صارت تصرفاته السابقة بحكم أدلة التوبة مغفورة، خارجة عن حكم العصيان، وتصير تصرفاته اللاحقة الاضطرارية بعد التوبة، تصرفات غير مسبوقة بالمعصية المؤثرة، فيصير حاله بالنسبة إلى التصرفات الخروجية لأجل التخلص عن التصرف، كمن اضطر إلى الدخول واختار الخروج من أقصر الطرق للتخلص، فكما أن العقل يحكم بمعذورية الثاني؛ حيث لا يكون ارتكابه للتصرف الخروجي إلا باضطرار محض غير مسبوق بالمعصية، يمكن أن يقال: إن التائب من ذنبه وتصرفه - إذا اختار الخروج لأجل التخلص من أقرب الطرق - تكون تصرفاته الخروجية غير مبغوضة للمولى؛ للفرق بين من كان خروجه كدخوله بنفس الإرادة للظلم والعصيان، وبين من كان تائبا عن ذنبه، ويكون خروجه لأجل التخلص من معصية المولى، ويرى نفسه مضطرا في تلك التصرفات الخروجية لأجل التخلص من التصرفات الزائدة.
وبما ذكرنا وحققنا يتضح ما فيما أفاده شيخنا المرتضى (قدس سره) (1) فإن كلامه مبني على وجوب ترك التصرف أو وجوب الخروج، وقد عرفت عدم وجوبهما.
وأما ما أفاد: من أن الخروج لم يكن مقدورا قبل الدخول، فلم يكن حراما مطلقا، وعلى تقدير الدخول لا يكون إلا واجبا، وجعله نظير شرب الخمر العلاجي (2).