الجهة الرابعة في أن الأمر إذا كان مطلقا بلا قرينة هل يحمل على الوجوب أو الندب؟
ولابد قبل تحقيق المقام من تقديم امور:
الأول: في معنى الطلب قد عرفت أن الطلب النفساني الذي ادعاه الأشاعرة (1) مما لا أساس له، فاعلم أن الطلب عبارة عن البعث والإغراء نحو المطلوب.
وبيان ذلك: أن المريد لوجود شيء في الخارج، قد تتعلق إرادته بإتيانه مباشرة، فإرادته تصير مبدء لتحريك عضلاته وآلاته الفعالة نحو المطلوب، فيوجده ويحققه في الخارج.
وقد تتعلق إرادته بإيجاد الغير لمطلوبه، فيحركه ويبعثه نحوه بواسطة طلبه وأمره، فكأنه يستخدم غيره ويجعله كعضلاته وآلاته الفعالة، فيحركه نحوه، كتحريك عضلاته.
وهذا البعث والإغراء عبارة عن الطلب، استحبابيا كان أو وجوبيا، وقبل هذا البعث لا يصدق " أنه طلب منه " وبعده يصدق كما لا يخفى.
الثاني: ما به الامتياز بين مبدأ الطلب الندبي والوجوبي الثاني: في تحصيل معنى الطلب الندبي والوجوبي، وبيان ما به الافتراق