والثانية: لا تباح. وقال الشافعي: من دخل في دين أهل الكتاب بعد نزول القرآن، لم يبح أكل ذبيحته.
قوله تعالى: (وطعامكم حل لهم) أي: وذبائحكم لهم حلال، فإذا اشتروا منا شيئا كان الثمن لنا حلالا، واللحم لهم حلالا. قال الزجاج. والمعنى: أحل لكم أن تطعموهم.
فصل وقد زعم قوم أن هذه الآية اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب مطلقا وإن ذكروا غير اسم الله عليها، فكان هذا ناسخا لقوله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) والصحيح أنها أطلقت إباحة ذبائحهم، لأن الأصل أنهم يذكرون الله، وإلى هذا الذي قلته ذهب، علي، وابن عمر، وعبادة، وأبو الدرداء، والحسن في جماعة.
قوله تعالى: (والمحصنات من المؤمنات) فيهن قولان:
أحدهما: العفائف، قاله ابن عباس.
والثاني: الحرائر، قاله مجاهد.
وفي قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قولان:
أحدهما: الحرائر أيضا، قاله ابن عباس.
والثاني: العفائف، قاله الحسن، والشعبي، والنخعي، والضحاك والسدي، فعلى هذا القول يجوز تزويج الحرة منهن والأمة.
فصل وهذه الآية أباحت نكاح الكتابية. وقد روي عن عثمان أنه تزوج نائلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية. وعن طلحة بن عبيد الله: انه تزوج يهودية. وقد روي عن عمر، وابن عمر كراهة ذلك. واختلفوا في نكاح الكتابية الحربية، فقال ابن عباس: لا تحل، والجمهور على خلافه، وإنما كرهوا ذلك، لقوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والنكاح يوجب الود. واختلفوا في نكاح نساء تغلب، فروي عن علي رضي الله عنه الحظر، وبه قال جابر بن زيد، والنخعي، وروي عن ابن عباس الإباحة. وعن أحمد روايتان واختلفوا في إماء أهل الكتاب، فروي عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد: أنه لا يجوز نكاحهن،