أحدهما: أنهم أضافوا السيئة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشاؤما به، فرد عليهم، فقال: كل بتقدير الله.
ثم قال: ما أصابك من حسنة، فمن الله، أي: من فضله، وما أصابك من سيئة، فبذنبك، وإن كان الكل من الله تقديرا.
والثاني: أن جماعة من أرباب المعاني قالوا: في الكلام محذوف مقدر، تقديره: فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا، يقولون: ما أصابك من حسنة، فمن الله، وما أصابك من سيئة، فمن نفسك. فيكون هذا من قولهم. والمحذوف المقدر في القرآن كثير، ومنه قوله [تعالى]: (ربنا تقبل منا) أي: يقولان: ربنا. ومثله (أو به أذى من رأسه ففدية) أي: فحلق، ففدية. ومثله (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم) أي: فيقال لهم. ومثله (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم) أي: يقولون سلام. ومثله (أو كلم به الموتى بل لله الأمر) أراد: لكان هذا القرآن. ومثله (ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم) أراد: لعذبكم. ومثله (ربنا أبصرنا وسمعنا) أي: يقولون. وقال النمر بن تولب:
فإن المنية من يخشها * فسوف تصادفه أينما أراد: أينما ذهب.
وقال غيره:
فأقسم لو شئ أتانا رسوله * سواك ولكن لم نجد لك مدفعا أراد: لرددناه.
ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80) قوله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) سبب نزولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أطاعني، فقد أطاع الله، ومن أحبني، فقد أحب الله " فقال المنافقون: لقد قارب هذا الرجل الشرك، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. ومعنى الكلام: من قبل ما أتى به الرسول، فإنما قبل: ما أمر الله به، ومن تولى، أي: أعرض عن طاعته. وفي " الحفيظ " قولان:
أحدهما: أنه الرقيب، قاله ابن عباس.