والثاني: أنها ما حول البيت، ومكة ما وراء ذلك، قاله عكرمة.
والثالث: أنها المسجد، والبيت. ومكة: اسم للحرم كله، قاله الزهري، وضمرة بن حبيب.
والرابع: أن بكة هي مكة، قاله الضحاك، وابن قتيبة، واحتج ابن قتيبة بأن الباء تبدل من الميم، يقال: سمد رأسه، وسبد رأسه: إذا استأصله. وشر لازم، ولازب.
قوله [تعالى]: (مباركا) قال الزجاج: هو منصوب على الحال. المعنى: الذي استقر بمكة في حال بركته.
(وهدى)، فأما بركته، ففيه تغفر الذنوب، وتضاعف الحسنات، ويأمن من دخله.
وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من طاف بالبيت، لم يرفع قدما، ولم يضع أخرى، إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة ".
قوله [تعالى [: (وهدى للعالمين)، في معنى الهدى هاهنا أربعة أقوال:
أحدها: أنه بمعنى القبلة، فتقديره: وقبلة للعالمين.
والثاني: أنه بمعنى: الرحمة.
والثالث: أنه بمعنى: الصلاح، لأن من قصده، صلحت حاله عند ربه.
والرابع: أنه بمعنى: البيان، والدلالة على الله تعالى بما فيه من الآيات التي لا يقدر عليها غيره، حيث يجتمع الكلب والظبي في الحرم، فلا الكلب يهيج الظبي، ولا الظبي يستوحش منه، قاله القاضي أبو يعلى.
فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (97) قوله [تعالى]: (فيه آيات بينات)، الجمهور يقرأون: آيات. وروى عطاء عن ابن عباس أنه قرأ: (فيه آية بينة مقام إبراهيم)، وبها قرأ مجاهد. قالا: مقام إبراهيم. فأما من قرأ: (آيات) فقال علي بن أبي طالب [رضي الله عنه]: الآيات: مقام إبراهيم، وأمن من دخله. فعلى هذا يكون الجمع معبرا عن التثنية، وذلك جائز في اللغة، كقوله [تعالى]: (وكنا لحكمهم شاهدين).