دينهم، أهل غلظة على من خالفهم في دينهم. وقال الزجاج: معنى " أذلة ": جانبهم لين على المؤمنين، لا أنهم أذلاء. (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) لأن المنافقين يراقبون الكفار، ويظاهرونهم، ويخافون لومهم، فأعلم الله عز وجل أن الصحيح الإيمان لا يخاف في الله لومة لائم، ثم أعلم أن ذلك لا يكون إلا بتوفيقه، فقال: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) يعني:
محبتهم لله، ولين جانبهم للمسلمين، وشدتهم على الكافرين.
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (55) ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون (56) قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله) اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:
أحدها: أن عبد الله بن سلام وأصحابه جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن قوما قد أظهروا لنا العداوة، ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقالوا: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين، وأذن بلال بالصلاة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا مسكين يسأل الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل أعطاك أحد شيئا "؟ قال: نعم. قال: " ماذا "؟ قال: خاتم فضة. قال:
" من أعطاكه "؟ قال: ذاك القائم، فإذا هو علي بن أبي طالب، أعطانيه وهو راكع، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. وقال مجاهد: نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع.
والثاني: أن عبادة بن الصامت لما تبرأ من حلفائه اليهود نزلت هذه الآية في حقه، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أنها نزلت في أبي بكر الصديق، قاله عكرمة.
والرابع: أنها نزلت فيمن مضى من المسلمين ومن بقي منهم، قاله الحسن.
قوله تعالى: (ويؤتون الزكاة وهو راكعون) فيه قولان:
أحدهما: أنهم فعلوا ذلك في ركوعهم، وهو تصدق علي عليه السلام بخاتمه في ركوعه.
والثاني: أن من شأنهم إيتاء الزكاة وفعل الركوع. وفي المراد بالركوع ثلاثة أقوال: