الحسن: يعظها بلسانه، فان أبت وإلا هجرها. واختلفوا في المراد بالهجر في المضجع على أربعة أقوال:
أحدها: أنه ترك الجماع، رواه سعيد بن جبير، وابن أبي طلحة، والعوفي، عن ابن عباس وبه قال ابن جبير، ومقاتل.
والثاني: أنه ترك الكلام، لا ترك الجماع، رواه أبو الضحى، عن ابن عباس، وخصيف، عن عكرمة، وبه قال السدي، والثوري.
والثالث: أنه قول الهجر من الكلام في المضاجع، روي عن ابن عباس، والحسن، وعكرمة. فيكون المعنى: قولوا لهن في المضاجع هجرا من القول.
والرابع: أنه هجر فراشها، ومضاجعتها. روي عن الحسن، والشعبي، ومجاهد، والنخعي، ومقسم، وقتادة. قال ابن عباس: اهجرها وهو في المضجع، فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح. وقال جماعة من أهل العلم: الآية على الترتيب، فالوعظ عند خوف النشوز، والهجر عند ظهور النشوز، والضرب عند تكرره، واللجاج فيه. ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب أحمد. وقال الشافعي: يجوز ضربها في ابتداء النشوز.
قوله تعالى: (فإن أطعنكم) قال ابن عباس: يعني في المضجع (فلا تبغوا عليهن سبيلا) أي: فلا تتجن عليها العلل. وقال سفيان بن عيينة: لا تكلفها الحب، لأن قلبها ليس في يدها.
وقال ابن جرير: المعنى: فلا تلتمسوا سبيلا إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل، وذلك أن تقول لها وهي مطيعة لك: لست لي محبة، فتضربها، أو تؤذيها.
قوله تعالى: (إن الله كان عليا كبيرا) قال أبو سليمان الدمشقي: لا تبغوا على أزواجكم، فهو ينتصر لهن منكم. وقال الخطابي: الكبير: الموصوف بالجلال، وكبر الشأن، يصغر دون جلاله كل كبير. ويقال: هو الذي كبر عن شبه المخلوقين.
وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا (35) قوله تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما) في الخوف قولان: