أحدها: أنه يجعل كالحية يطوق بها الإنسان، روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاع أقرع يفر منه، وهو يتبعه حتى يطوق في عنقه " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) وهذا مذهب ابن مسعود، ومقاتل.
والثاني: أنه يجعل طوقا من نار، رواه منصور عن مجاهد، وإبراهيم.
والثالث: أن معنى تطويقهم به: تكليفهم أن يأتوا به، رواه ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
والرابع: أن معناه: يلزم أعناقهم إثمه، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: (ولله ميراث السماوات والأرض) قال ابن عباس: يموت أهل السماوات وأهل الأرض، ويبقى رب العالمين، قال الزجاج: خوطب القوم بما يعقلون، لأنهم يجعلون ما رجع إلى الإنسان ميراثا إذا كان ملكا له، وقال ابن الأنباري: معنى الميراث: انفراد الرجل بما كان لا ينفرد به، فلما مات الخلق، وانفرد عز وجل صار ذلك له وراثة.
قوله تعالى: (والله بما تعملون خبير) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " يعملون " بالياء اتباعا لقوله تعالى: (سيطوقون) وقرأ الباقون بالتاء، لأن قبله (وإن تؤمنوا وتتقوا).
لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) قوله تعالى: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن أبا بكر الصديق [رضي الله عنه] دخل بيت مدراس اليهود، فوجدهم قد اجتمعوا على رجل منهم، اسمه فنحاص، فقال له أبو بكر: اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله. فقال: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، ولو كان غنيا عنا ما استقرضنا فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضربة شديدة، وقال: والله لولا العهد الذي بيننا لضربت عنقك. فذهب فنحاص يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أبو بكر بما قال، فجحد فنحاص، فنزلت هذه الآية، ونزل فيما بلغ من أبي بكر من الغضب (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) هذا قول ابن عباس وإلى نحوه ذهب مجاهد، وعكرمة والسدي، ومقاتل.