والخامس: أنه رجل من بني كنانة هاجر فمات في الطريق، فسخر منه قومه، فقالوا: لا هو بلغ ما يريد، ولا أقام في أهله حتى يدفن، فنزل فيه هذا، قاله ابن زيد.
والسادس: أنه خالد بن حزام أخو حكيم بن حزام، خرج مهاجرا، فمات في الطريق، ذكره الزبير بن بكار وقوله: (وقع) معناه وجب.
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا (101) قوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) روى مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد، فصلينا الظهر، فقال المشركون: لقد أصبنا غرة، لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة، فنزلت آية القصر فيما بين الظهر والعصر. والضرب في الأرض: السفر، والجناح: الإثم، والقصر: النقص، والفتنة: القتل. وفي القصر قولان:
أحدهما: أنه القصر من عدد الركعات.
والثاني: أنه القصر من حدودها. وظاهر الآية يدل على أن القصر لا يجوز إلا عند الخوف، وليس الأمر كذلك، وإنما نزلت الآية على غالب أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثرها لم يخل عن خوف العدو. وقيل: إن قوله: (أن تقصروا من الصلاة) كلام تام. وقوله [تعالى]: (إن خفتم) كلام مبتدأ، ومعناه: وإن خفتم.
واختلف العلماء هل صلاة المسافر ركعتين مقصورة أم لا؟ فقال قوم: ليست مقصورة، وإنما فرض المسافر ذلك، وهو قول ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وسعيد بن جبير، والسدي، وأبي حنيفة، فعلى هذا القول قصر الصلاة أن تكون ركعة ولا يجوز ذلك إلا بوجود السفر والخوف. لأن عند هؤلاء أن الركعتين في السفر إذا لم يكن فيه خوف تمام غير قصر، واحتجوا بما روى ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى بذي قرد، فصف الناس خلفه صفين، صفا خلفه، وصفا موازي العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء، إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة، ولم