قال القاضي أبو يعلى: أفاد تخصيص العمد بالذكر ما ذكر في أثناء الآية من الوعيد، وإنما يختص ذلك بالعامد.
والثاني: أنه لا شئ فيه، قاله ابن عباس، وابن جبير، وطاووس، وعطاء، وسالم، والقاسم، وداود. وعن أحمد روايتان: أصحهما الوجوب.
قوله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل من النعم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: (فجزاء مثل) مضافة وبخفض " مثل ". وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " فجزاء " منون " مثل " مرفوع. قال أبو علي: من أضاف، فقوله [تعالى]: (من النعم) يكون صفة للجزاء، وإنما قال: مثل ما قتل، وإنما عليه جزاء المقتول لا جزاء مثله، لأنهم يقولون: أنا أكرم مثلك، يريدون: أن أكرمك، فالمعنى: جزاء ما قتل. ومن رفع " المثل "، فالمعنى: فعليه جزاء من النعم مماثل للمقتول، والتقدير: فعليه جزاء. قال ابن قتيبة: النعم: الإبل، وقد يكون البقر والغنم، والأغلب عليها الإبل. وقال الزجاج: النعم في اللغة: الإبل والبقر والغنم، فإن انفردت الإبل، قيل لها: نعم، وإن انفردت البقر والغنم، لم تسم نعما.
فصل قال القاضي أبو يعلى: والصيد الذي يجب الجزاء بقتله: ما كان مأكول اللحم، كالغزال، وحمار الوحش، والنعامة، ونحو ذلك، أو كان متولدا من حيوان يؤكل لحمه، كالسمع، فإنه متولد من الضبع، والذئب، وما عدا ذلك من السباع كلها، فلا جزاء على قاتلها، سواء ابتدأ قتلها، أو عدت عليه، فقتلها دفعا عن نفسه، لأن السبع لا مثل له صورة ولا قيمة، فلم يدخل تحت الآية، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز للمحرم قتل الحية، والعقرب، والفويسقة، والغراب، والحدأة، والكلب العقور، والسبع العادي. قال: والواجب بقتل الصيد فيما له مثل من الأنعام مثله، وفيما لا مثل له قيمته، وهو قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: الواجب فيه القيمة، وحمل المثل على القيمة، وظاهر الآية يرد ما قال، ولأن الصحابة حملوا الآية على المثل من طريق الصورة، فقال ابن عباس: المثل: النظير، ففي الظبية شاة، وفي النعامة بعير.
قوله تعالى: (يحكم به ذوا عدل منكم) يعني بالجزاء، وإنما ذكر اثنين، لأن الصيد يختلف في نفسه، فافتقر الحكم بالمثل إلى عدلين.
قوله تعالى: (منكم) يعني: من أهل ملتكم.