صلحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (69) قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون) قد ذكرنا تفسيرها في البقرة.
وكذلك اختلفوا في إحكامها ونسخها كما بينا هناك. فأما رفع " الصائبين " فذكر الزجاج عن البصريين، منهم الخليل، وسيبويه أن قوله: " والصائبون " محمول على التأخير، ومرفوع بالابتداء. والمعنى: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والصائبون والنصارى كذلك أيضا، وأنشدوا:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم * بغاة ما بقينا في شقاق المعنى: فاعلموا أنا بغاة ما بقينا في شقاق، وأنتم أيضا كذلك.
لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون (70) قوله تعالى: (لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل) قال مقاتل: أخذ ميثاقهم في التوراة بأن يعملوا بما فيها. قال ابن عباس: كان فيمن كذبوا، محمد، وعيسى، وفيمن قتلوا، زكريا، ويحيى. قال الزجاج: فأما التكذيب، فاليهود، والنصارى يشتركون فيه. وأما القتل فيختص اليهود.
وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون (71) قوله تعالى: (وحسبوا أن لا تكون فتنة) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر:
(تكون) بالنصب، وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " تكون " بالرفع، ولم يختلفوا في رفع (فتنة). قال مكي بن أبي طالب: من رفع جعل " أن " مخففة من الثقيلة، وأضمر معها (الهاء)، وجعل (حسبوا) بمعنى: أيقنوا، لأن " أن " للتأكيد، والتأكيد لا يجوز إلا مع اليقين.
والتقدير: أنه لا تكون فتنة. ومن نصب جعل " أن " هي الناصبة للفعل، وجعل (حسبوا) بمعنى: ظنوا. ولو كان قبل " أن " فعل لا يصلح للشك، لم يجز أن تكون إلا مخففة من الثقيلة، ولم يجز نصب الفعل بها، كقوله [تعالى]: (أفلا يرون ألا يرجع إليهم) و (علم أن