وبه قال الأوزاعي، ومالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأصحابنا، وروي عن الشعبي، وأبي ميسرة جواز ذلك، وبه قال أبو حنيفة. فأما المجوس: فالجمهور على أنهم ليسوا بأهل كتاب، وقد شذ من قال: إنهم أهل كتاب، ويبطل قولهم قوله عليه السلام: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب ".
فأما " الأجور "، و " الإحصان "، و " السفاح "، و " الأخدان " فقد سبق في (سورة النساء).
قوله تعالى: (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله) سبب نزول هذا الكلام: أن الله تعالى لما رخص في نكاح الكتابيات قلن بينهن: لولا أن الله تعالى قد رضي علينا، لم يبح للمؤمنين تزويجنا، وقال المسلمون: كيف يتزوج الرجل منا الكتابية، وليست على ديننا، فنزلت: (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله) رواه أبو صالح عن ابن عباس. وقال مقاتل بن حيان: نزلت فيما أحصن المسلمون من نساء أهل الكتاب، يقول: ليس إحصان المسلمين إياهن بالذي يخرجهن من الكفر.
وروى ليث عن مجاهد: (ومن يكفر بالإيمان) بالله تعالى، قال الزجاج: معنى الآية: من أحل ما حرم الله، أو حرم ما أحله الله فهو كافر. وقال أبو سليمان: من جحد ما أنزله الله من شرائع الإيمان، وعرفه من الحلال والحرام، فقد حبط عمله المتقدم. وسمعت الحسن بن أبي بكر النيسابوري الفقيه يقول: إنما أباح الله عز وجل الكتابيات، لأن بعض المسلمين قد يعجبه حسنهن، فحذر ناكحهن من الميل إلى دينهن بقوله [تعالى]: (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله).
يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون (6) قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة) قال الزجاج: المعنى: إذا أردتم القيام إلى الصلاة، كقوله [تعالى]: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله) قال ابن الأنباري: وهذا كما تقول: إذا آخيت فآخ أهل الحسب، وإذا اتجرت فاتجر في البز. قال: ويجوز أن يكون الكلام مقدما ومؤخرا، تقديره:
إذا غسلتم وجوهكم، واستوفيتم الطهور، فقوموا إلى الصلاة. وللعلماء في المراد بالآية قولان: