والثاني: يعلمون أن الله يتوب على من تاب، قاله مجاهد، وأبو عمارة.
والثالث: يعلمون أنهم قد أذنبوا، قاله السدي، ومقاتل.
قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (137) قوله [تعالى]: (قد خلت من قبلكم سنن) السنن: جمع سنة، وهي الطريقة. وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: قد مضى قبلكم أهل سنن وشرائع، فانظروا ماذا صنعنا بالمكذبين منهم، وهذا قول ابن عباس.
والثاني: قد مضت قبلكم سنن الله في إهلاك من كذب من الأمم، فاعتبروا بهم، وهذا قول مجاهد. وفي معنى (فسيروا في الأرض) قولان:
أحدهما: أنه السير في السفر. قال الزجاج: إذا سرتم في أسفاركم، عرفتم أخبار الهالكين بتكذيبهم.
والثاني: أنه التفكر. ومعنى: فانظروا: اعتبروا، والعاقبة: آخر الأمر.
هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين (138) قوله [تعالى]: (هذا بيان للناس) قال سعيد بن جبير: هذه الآية أول ما نزل من " آل عمران " في المشار إليه ب " هذا " قولان:
أحدهما: أنه القرآن، قاله الحسن، وقتادة، ومقاتل.
والثاني: أنه شرح أخبار الأمم السالفة، قاله ابن إسحاق. والبيان: الكشف عن الشئ، وبان الشئ: اتضح، وفلان أبين من فلان، أي: أفصح. قال الشعبي: هذا بيان للناس من العمى، وهدى من الضلالة، وموعظة من الجهل.
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين (139) قوله [تعالى]: (ولا تهنوا ولا تحزنوا) سبب نزولها أن أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما انهزموا يوم أحد، أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
" اللهم لا يعلن علينا، اللهم لا قوة لنا إلا بك " فنزلت هذه الآيات، قاله ابن عباس قال ابن