والثالث: أنهم في موطن لا يكتمونه حديثا، وفي موطن يكتمون، ويقولون: ما كنا مشركين، قاله الحسن.
والرابع: أن قوله [تعالى]: (ولا يكتمون الله حديثا) كلام مستأنف لا يتعلق بقوله: لو تسوى بهم الأرض، هذا قول الفراء، والزجاج. ومعنى: لا يكتمون الله حديثا: لا يقدرون على كتمانه، لأنه ظاهر عند الله.
والخامس: أن المعنى: ودوا لو سويت بهم الأرض، وأنهم لم يكتموا الله حديثا.
والسادس: أنهم لم يعتقدوا قولهم: ما كنا مشركين كذبا، وإنما اعتقدوا أن عبادة الأصنام طاعة، ذكر القولين ابن الأنباري.
وقال القاضي أبو يعلى: أخبروا بما توهموا، إذ كانوا يظنون أنهم ليسوا بمشركين وذلك لا يخرجهم عن أن يكونوا قد كذبوا.
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا (43) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) روى أبو عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما، فدعانا، وسقانا من الخمر، فأخذت منا، وحضرت الصلاة، فقدموني، فقرأت " قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون " فنزلت هذه الآية. وفي رواية أخرى، عن أبي عبد الرحمن، عن علي [رضي الله عنه] أن الذي قدموه، وخلط في هذه السورة، عبد الرحمن بن عوف.
وفي معنى قوله [تعالى]: (لا تقربوا الصلاة) قولان:
أحدهما: لا تتعرضوا بالسكر في أوقات الصلاة.
والثاني: لا تدخلوا في الصلاة في حال السكر، والأول أصح، لأن السكران لا يعقل ما