وإذا جاؤكم ما قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون (61) قوله تعالى: (وإذا جاؤوكم قالوا آمنا) قال قتادة: هؤلاء ناس من اليهود كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخبرونه أنهم مؤمنون بما جاء به، وهم متمسكون بضلالتهم.
قوله تعالى: (وقد دخلوا بالكفر) أي: دخلوا كافرين، وخرجوا كافرين، فالكفر معهم في حالتيهم: (والله أعلم بما كانوا يكتمون) من الكفر والنفاق.
وترى كثيرا منهم يسرعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون (62) قوله تعالى: (وترى كثيرا منهم) يعني: اليهود (يسارعون)، أي: يبادرون (في الإثم) وفيه قولان:
أحدهما: أنه المعاصي، قاله ابن عباس.
والثاني: الكفر، قاله السدي. فأما العدوان فهو الظلم. وفي " السحت " ثلاثة أقوال:
أحدها: الرشوة في الحكم.
والثاني: الرشوة في الدين.
والثالث: الربا.
لولا ينههم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون (63) قوله تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار) " لولا " بمعنى: " هلا " و " الربانيون " مذكورون في (آل عمران)، و (الأحبار) قد تقدم ذكرهم في هذه السورة. وهذه الآية من أشد الآيات على تاركي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأن الله تعالى جمع بين فاعل المنكر وتارك الإنكار في الذم. قال ابن عباس: ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية.
وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العدوة