حكمك. ثم استأنف، فقال: وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، أي: فيما اختلفوا فيه.
وفي " الحرج " قولان:
أحدهما: أنه الشك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي في آخرين.
والثاني: الضيق، قاله أبو عبيدة، والزجاج. وفي قوله: (ويسلموا تسليما) قولان:
أحدهما: يسلموا لما أمرتهم به، فلا يعارضونك، هذا قول ابن عباس، والزجاج، والجمهور.
والثاني: يسلموا ما تنازعوا فيه لحكمك، قاله الماوردي.
ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا (66) وإذا لأتيناهم من لدنا أجرا عظيما (67) ولهديناهم صراطا مستقيما (68) قوله تعالى: (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم) سبب نزولها: أن رجلا من اليهود قال:
والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم، فقتلناها. فقال ثابت بن قيس بن الشماس: والله لو كتب الله علينا ذلك لفعلنا، فنزلت هذه الآية. هذا قول السدي. قال الزجاج: (لو) يمتنع به الشئ لامتناع غيره، تقول: لو جاءني زيد لجئته. والمعنى: أن مجيئك امتنع لامتناع مجيئه، و (كتبنا) بمعنى:
فرضنا. والمعنى: لو أنا فرضنا على المؤمنين بك أن اقتلوا أنفسكم. قرأ أبو عمرو: أن اقتلوا أنفسكم، بكسر النون، أو اخرجوا بضم الواو. وقرأ ابن عامر، وابن كثير، ونافع، والكسائي: أن اقتلوا أو اخرجوا بضم النون والواو، وقرأ عاصم، وحمزة بكسرهما. والمعنى: لو فرضنا عليهم كما فرضنا على قوم موسى، لم يفعله إلا قليل منهم، هذه قراءة الجمهور. وقرأ ابن عامر: إلا قليلا بالنصب. (ولو أنهم) يعني: المنافقين الذين يزعمون أنهم آمنوا، وهم يتحاكمون إلى الطاغوت، ويصدون عنك (فعلوا ما يوعظون به) أي: ما يذكرون به من طاعة الله، والوقوف مع أمره، (لكان خيرا لهم) وأثبت لأمورهم. وقال السدي: (وأشد تثبيتا) أي: تصديقا.
ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء