فقالوا لهم: من أين أنتم؟ فقالوا: نحن قوم موسى بعثنا لنأتيه بخبركم، فأعطوهم حبة من عنب توقر الرجل، وقالوا لهم، قولوا لموسى وقومه: اقدروا قدر فاكههم، فلما رجعوا، قالوا: يا موسى إن فيها قوما جبارين. وقال السدي: كان الذي لقيهم، يقال له: عاج، يعني: عوج بن عناق، فأخذ الاثني عشر، فجعلهم في حجرته وعلى رأسه حزمة حطب، وانطلق بهم إلى امرأته، فقال:
انظري إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون قتالنا، فطرحهم بين يديها، قال: ألا أطحنهم برجلي؟
فقالت امرأته: لا، بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا. فلما خرجوا قالوا: يا قوم إن أخبرتم بني إسرائيل بخبر القوم، ارتدوا عن نبي الله، فأخذوا الميثاق بينهم على كتمان ذلك، فنكث عشرة، وكتم رجلان، وقال مجاهد: لما رأى النقباء الجبارين، وجدوهم يدخل في كم أحدهم اثنان منهم، ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أو أربعة، ويدخل في شطر الرمانة إذ نزع حبها خمسة أو أربعة، فرجع النقباء كلهم ينهى سبطه عن قتالهم إلا يوشع، وابن يوقنا.
قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين (23) قوله تعالى: (قال رجلان من الذين يخافون) في الرجلين ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهما يوشع بن نون، وكالب بن يوقنة، قاله ابن عباس. وقال مجاهد: ابن يوقنا، وهما من النقباء.
والثاني: أنهما كانا من الجبارين فأسلما، روي عن ابن عباس.
والثالث: أنهما كانا في مدينة الجبارين، وهما على دين موسى، قاله الضحاك: وقرأ ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأبو رجاء، وأيوب: " يخافون " بضم الياء، على معنى أنهما كانا من العدو، فخرجا مؤمنين. وفي معنى " خوفهم " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم خافوا الله وحده.
والثاني: خافوا الجبارين، ولم يمنعهم خوفهم قول الحق.
والثالث: يخاف منهم، على قراءة ابن جبير. وفيما أنعم به عليهما أربعة أقوال:
أحدها: الإسلام، قاله ابن عباس.
والثاني: الصلاح والفضل واليقين، قاله عطاء.
والثالث: الهدى، قاله الضحاك.