والثالث: لأنه بلغه عن القوم أنهم قالوا: أصبتم شوكتهم، ثم تركتموهم. وقد سبق الكلام في القرح.
قوله تعالى: (للذين أحسنوا منهم) أي: أحسنوا بطاعة الرسول، واتقوا مخالفته الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) قوله تعالى: (الذين قال لهم الناس) في المراد بالناس ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم ركب لقيهم أبو سفيان، فضمن لهم ضمانا لتخويف النبي [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه، قاله ابن عباس، وابن إسحاق.
والثاني: أنه نعيم بن مسعود الأشجعي، قاله مجاهد، وعكرمة، ومقاتل في آخرين.
والثالث: أنهم المنافقون، لما رأوا النبي [صلى الله عليه وسلم] يتجهز، نهوا المسلمين عن الخروج، وقالوا:
إن أتيتموهم في ديارهم، لم يرجع منكم أحد، هذا قول السدي.
قوله تعالى: (إن الناس قد جمعوا لكم) يعني أبا سفيان وأصحابه.
قوله تعالى: (فزادهم إيمانا) قال الزجاج: زادهم ذلك التخويف ثبوتا في دينهم، وإقامة على نصرة نبيهم، وقالوا: (حسبنا الله) أي: هو الذي يكفينا أمرهم. فأما " الوكيل "، فقال الفراء: الوكيل: الكافي، واختاره ابن القاسم. وقال ابن قتيبة: هو الكفيل، قال: ووكيل الرجل في ماله: هو الذي كفله له، وقام به. وقال الخطابي: الوكيل: الكفيل بأرزاق العباد ومصالحهم، وحقيقته: أنه الذي يستقل بالأمر الموكول إليه. وحكى ابن الأنباري: أن قوما قالوا: الوكيل: الرب.
فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (174) قوله تعالى: (فانقلبوا بنعمة من الله) الانقلاب: الرجوع. وفي النعمة، ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الأجر، قاله مجاهد.
والثاني: العافية، قاله السدي.
والثالث: الإيمان والنصر، قاله الزجاج. وفي الفضل، ثلاثة أقوال: