يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجهدوا في سبيله لعلكم تفلحون (35) إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيمة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم (36) يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخرجين منها ولهم عذاب مقيم (37) قوله تعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة) في (الوسيلة) قولان:
أحدهما: أنها القربة، قاله ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، والفراء وقال قتادة: تقربوا إليه بما يرضيه. قال أبو عبيدة: يقال: توسلت إليه، أي: تقربت إليه. وأنشد:
إذا غفل الواشون عدنا لو صلنا * وعاد التصافي بيننا والوسائل والثاني: المحبة، يقول: تحببوا إلى الله، هذا قول ابن زيد.
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكلا من الله والله عزيز حكيم (38) قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) قال ابن السائب: نزلت في طعمة بن أبيرق، وقد مضت قصته في (سورة النساء). و (السارق): إنما سمي سارقا، لأنه يأخذ الشئ في خفاء، واسترق السمع: إذا تسمع مستخفيا. قال المبرد: والسارق هاهنا مرفوع بالابتداء، لأنه ليس القصد منه واحدا بعينه، وإنما هو، كقولك: من سرق فاقطع يده. وقال ابن الأنباري: وإنما دخلت الفاء، لأن في الكلام معنى الشرط، تقديره: من سرق فاقطعوا يده. قال الفراء: وإنما قال: (فاقطعوا أيديهما) لأن كل شئ موحد من خلق الإنسان إذا ذكر مضافا إلى اثنين فصاعدا، جمع تقول: قد هشمت رؤوسهما وملأت [ظهورهما] وبطونهما ومثله (فقد صنعت قلوبكما) وإنما اختير الجمع على التثنية، لأن أكثر ما تكون عليه الجوارح اثنين اثنين في الانسان: اليدين، والرجلين، والعينين، فلما جرى أكثره على هذا، ذهب بالواحد منه إذا أضيف إلى اثنين مذهب التثنية، وقد يجوز تثنيتهما. قال أبو ذؤيب فتخالسا نفسيهما بنوافذ * كنوافذ العبط التي لا ترقع