قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم) روي عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله، لا أسمع ذكر النساء في الهجرة بشئ؟ فنزلت هذه الآية، واستجاب: بمعنى أجاب. والمعنى: أجابهم بأن قال لهم: إني لا أضيع عمل عامل منكم ذكرا أو أنثى.
وفي معنى قوله [تعالى]: (بعضكم من بعض) ثلاثة أقوال:
أحدها: بعضكم من بعض في الدين، والنصرة والموالاة.
والثاني: حكم جميعكم في الثواب واحد، لأن الذكور من الإناث والإناث من الذكور.
والثالث: كلكم من آدم وحواء.
قوله تعالى: (فالذين هاجروا) أي: تركوا الأوطان والأهل والعشائر (وأخرجوا من ديارهم) يعني: المؤمنين الذين أخرجوا من مكة بأذى المشركين، فهاجروا، (وقاتلوا) المشركين (وقتلوا) قرأ ابن كثير، وابن عامر: " وقاتلوا وقتلوا " مشددة التاء. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وعاصم: " وقاتلوا وقتلوا " خفيفة. وقرأ حمزة، والكسائي: و " قتلوا وقاتلوا ". قال أبو علي: تقديم " قتلوا " جائز، لأن المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولا في المعنى، مؤخرا في اللفظ.
قوله تعالى: (ثوابا من عند الله) قال الزجاج: هو مصدر مؤكد لما قبله، لأن معنى لأدخلنهم جنات): لأثيبنهم.
لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد (196) متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد (197) قوله تعالى: (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) اختلفوا فيمن نزلت على قولين:
أحدهما: أنها نزلت في اليهود، ثم في ذلك قولان:
أحدهما: أن اليهود كانوا يضربون في الأرض. فيصيبون الأموال، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم، أراد أن يستسلف من بعضهم شعيرا، فأبى إلا على رهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أعطاني لأوفيته قد اني لأمين في السماء أمين في الأرض " فنزلت، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
والقول الثاني: أنها نزلت في مشركي العرب كانوا في رخاء، فقال بعض المؤمنين: قد أهلكنا الجهد، وأعداء الله فيما ترون، فنزلت هذه الآية، هذا قول مقاتل. قال قتادة: والخطاب للنبي [صلى الله عليه وسلم]، والمراد غيره. وقال غيره: إنما خاطبه تأديبا وتحذيرا، وإن كان لا يغتر. وفي معنى " تقلبهم " ثلاثة أقوال: