رسوله القرآن، والكتاب الذي أنزل من قبل: كل كتاب أنزل قبل القرآن، فيكون " الكتاب " هاهنا اسم جنس.
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا (137) قوله تعالى: (إن الذين آمنوا ثم كفروا) اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها في اليهود آمنوا بموسى، ثم كفروا بعد موسى، ثم آمنوا بعزير، ثم كفروا بعده بعيسى، ثم ازدادوا كفرا بمحمد عليه السلام، هذا قول ابن عباس. وروي عن قتادة قال: آمنوا بموسى، ثم كفروا بعبادة العجل، ثم آمنوا به بعد عوده، ثم كفروا بعده بعيسى، ثم ازدادوا كفرا بمحمد.
والثاني: أنها في اليهود والنصارى، آمن اليهود بالتوراة، وكفروا بالإنجيل. وآمن النصارى بالإنجيل، ثم تركوه فكفروا به، ثم ازدادوا كفرا بالقرآن وبمحمد، رواه شيبان عن قتادة. وروي عن الحسن قال: هم قوم من أهل الكتاب، قصدوا تشكيك المؤمنين، فكانوا يظهرون بالإيمان ثم الكفر، ثم ازدادوا كفرا بثبوتهم على دينهم. وقال مقاتل: آمنوا بالتوراة وموسى، ثم كفروا من بعد موسى، ثم آمنوا بعيسى والإنجيل، ثم كفروا من بعده، ثم ازدادوا كفرا بمحمد والقرآن.
والثالث: أنها في المنافقين آمنوا، ثم ارتدوا، ثم ماتوا على كفرهم، قاله مجاهد. وروى ابن جريج عن مجاهد (ثم ازدادوا كفرا) قال: ثبتوا عليه حتى ماتوا. قال ابن عباس: (لم يكن الله ليغفر لهم) ما أقاموا على ذلك (ولا ليهديهم سبيلا) أي: لا يجعلهم بكفرهم مهتدين. قال: وإنما علق امتناع المغفرة بكفر بعد كفر، لأن المؤمن بعد الكفر يغفر له كفره، فإذا ارتد طولب بالكفر الأول.
بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما (138) قوله تعالى: (بشر المنافقين) زعم مقاتل أنه لما نزلت المغفرة في (سورة الفتح) للنبي والمؤمنين قال عبد الله بن أبي ونفر معه: فما لنا؟ فنزلت هذه الآية. وقال غيره: كان المنافقون يتولون اليهود، فألحقوا بهم في التبشير بالعذاب. وقال الزجاج: معنى الآية: اجعل موضع بشارتهم العذاب. والعرب تقول: تحيتك الضرب، أي: هذا بدل لك من التحية. قال الشاعر: