أشياء إن تبد لكم تسؤكم، عفا الله عنها. ويكون معنى: عفا الله عنها: أمسك عن ذكرها، فلم يوجب فيها حكما. وعلى القول الثاني، الآية على نظمها، ومعنى: عفا الله عنها: لم يؤاخذ بها.
قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كفرين (102) قوله تعالى: (قد سألها قوم من قبلكم) في هؤلاء القوم أربعة أقوال:
أحدها: أنهم الذين سألوا عيسى نزول المائدة، قاله ابن عباس، والحسن.
والثاني: أنهم قوم صالح حين سألوا الناقة، هذا على قول السدي. وهذان القولان يخرجان على أنهما سألوا الآيات.
والثالث: أن القوم هم الذين سألوا في شأن البقرة وذبحها، فلو ذبحوا بقرة لأجزأت، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم، قاله ابن زيد. وهذا يخرج على سؤال من سأل عن الحج، إذ لو أراد الله أن يشدد عليهم بالزيادة في الفرض لشدد.
والرابع: أنهم الذين قالوا لنبي لهم: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، وهذا عن ابن زيد أيضا، وهو يخرج على من قال: إنما سألوا عن الجهاد والفرائض تمنيا لذلك. قال مقاتل: كان بنو إسرائيل يسألون أنبياءهم عن أشياء، فإذا أخبروهم بها تركوا قولهم ولم يصدقوهم، فأصبحوا بتلك الأشياء كافرين.
ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون (103) قوله تعالى: (ما جعل الله من بحيرة) أي: ما أوجب ذلك، ولا أمر به. وفي " البحيرة " أربعة أقوال:
أحدها: أنها الناقة إذا نتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس، فإن كان ذكرا نحروه، فأكله الرجال والنساء، وإن كان أنثى شقوا أذنها، وكانت حراما على النساء لا ينتفعن بها، ولا يذقن من لبنها، ومنافعها للرجال خاصة، فإذا ماتت، اشترك فيها الرجال والنساء، قاله ابن عباس، واختاره ابن قتيبة.
والثاني: أنها الناقة تلد خمس إناث ليس فيهن ذكر، فيعمدون إلى الخامسة، فيبتكون أذنها، قاله عطاء.