وفي قوله [تعالى]: (ومن أحياها) خمسة أقوال:
أحدها: استنقذها من هلكة، روي عن ابن مسعود، ومجاهد. قال الحسن. من أحياها من غرق أو حرق أو هلاك. وفي رواية عكرمة عن ابن عباس: من شد عضد نبي أو إمام عادل، فكأنما أحيا الناس جميعا.
والثاني: ترك قتل النفس المحرمة، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد في رواية.
والثالث: أن يعفو أولياء المقتول عن القصاص، قاله الحسن، وابن زيد، وابن قتيبة.
والرابع: أن يزجر عن قتلها، وينهى.
والخامس: أن يعين الولي على استيفاء القصاص، لأن في القصاص حياة، ذكرهما القاضي أبو يعلى. وفي قوله [تعالى]: (فكأنما أحيا الناس جميعا) قولان:
أحدهما: فله أجر من أحيا الناس جميعا، قاله الحسن، وابن قتيبة.
والثاني: فعلى جميع الناس شكره، كما لو أحياهم، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (ولقد جاءتهم رسلنا) يعني: بني إسرائيل الذين جرى ذكرهم.
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (33) قوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) في سبب نزولها أربعة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في ناس من عرينة قدموا المدينة، فاجتووها، فبعثهم رسول الله في إبل الصدقة، وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا، فصحوا، وارتدوا عن الإسلام، وقتلوا الراعي، واستاقوا الإبل، فأرسل رسول الله في آثارهم، فجئ بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمر أعينهم، وألقاهم بالحرة حتى ماتوا، ونزلت هذه الآية، رواه قتادة عن أنس، وبه قال سعيد بن جبير، والسدي.
والثاني: أن قوما من أهل الكتاب كان بينهم وبين النبي [صلى الله عليه وسلم] عهد وميثاق، فنقضوا العهد،