والرابع: الخوف، ذكره ابن جرير عن بعض السلف.
قوله تعالى: (ادخلوا عليهم الباب) قال ابن عباس: قال الرجلان: ادخلوا عليهم باب القرية فإنهم قد ملئوا منا رعبا وفرقا.
قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقتلا إنا ههنا قاعدون (24) قوله تعالى: (فاذهب أنت وربك فقاتلا) قال ابن زيد: قالوا له: انظر كما صنع ربك بفرعون وقومه، فليصنع بهؤلاء. وقال مقاتل: فاذهب أنت وسل ربك النصر. وقال غيرهما: اذهب أنت وليعنك ربك. قال ابن مسعود: لقد شهدت من المقداد مشهدا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول لك، كما قال قوم موسى لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك، ومن بين يديك ومن خلفك. فرأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أشرق لذلك وجهه وسر به. وقال أنس: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم خرج إلى بدر، فأشار عليه أبو بكر، ثم استشارهم، فأشار عليه عمر فسكت، فقال رجل من الأنصار: إنما يريدكم، فقالوا: يا رسول الله! لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن والله لو ضربت أكبادها حتى تبلغ برك الغماد لكنا معك.
قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين (25) قوله تعالى: (لا أملك إلا نفسي وأخي) فيه قولان:
أحدهما: لا أملك إلا نفسي، وأخي لا يملك إلا نفسه.
والثاني: لا أملك إلا نفسي وإلا أخي، أي: وأملك طاعة أخي، لأن أخاه إذا أطاعه فهو كالملك له، وهذا على وجه المجاز، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر " فبكى أبو بكر، وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله يعني: أني متصرف حيث صرفتني، وأمرك جائز في مالي.