تقديره: ما لنا من الأمر من شئ. قال الحسن: قالوا: لو كان الأمر إلينا ما خرجنا، وإنما أخرجنا كرها. وقال غيره: المراد بالأمر: النصر والظفر، والقضاء والقدر (لله). والأكثرون قرأوا (إن الأمر كله لله) بنصب اللام، وقرأ أبو عمرو برفعها، قال أبو علي: حجة من نصب، أن " كله " بمنزلة " أجمعين " في الإحاطة والعموم، فلو قال: إن الأمر أجمع، لم يكن إلا النصب، و " كله " بمنزلة " أجمعين " ومن رفع، فلأنه قد ابتدأ به، كما ابتدأ بقوله [تعالى]: (وكلهم آتية).
قوله تعالى: (يخفون في أنفسهم) في الذي أخفوه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه قولهم: (لو كنا في بيوتنا ما قتلنا هاهنا).
والثاني: أنه إسرارهم الكفر، والشك في أمر الله.
والثالث: الندم على حضورهم مع المسلمين بأحد.
قال أبو سليمان الدمشقي: والذي قال: (هل لنا من الأمر من شئ) عبد الله ابن أبي.
والذي قال: (لو كان لنا من الأمر من شئ) معتب بن قشير.
قوله تعالى: (قل لو كنتم في بيوتكم) أي: لو تخلفتم، لخرج منكم من كتب عليه القتل، ولم ينجه القعود. والمضاجع: المصارع بالقتل. قال الزجاج: ومعنى (برزوا): صاروا إلى براز، وهو المكان المنكشف. ومعنى (وليبتلي الله ما في صدوركم) أي: ليختبره بأعمالكم، لأنه قد علمه غيبا، فيعلمه شهادة.
قوله تعالى: (وليمحص الله ما في قلوبكم) قال قتادة: أراد ليظهرها من الشك والارتياب، بما يريكم من عجائب صنعه من الأمنة، وإظهار سرائر المنافقين. وهذا التمحيص خاص للمؤمنين.
وقال غيره: أراد بالتمحيص: إبانة ما في القلوب من الاعتقاد لله، ولرسوله، وللمؤمنين، فهو خطاب للمنافقين.
قوله تعالى: (والله عليم بذات الصدور) أي: بما فيها. وقال ابن الأنباري: معناه: عليم بحقيقة ما في الصدور من المضمرات، فتأنيث ذات بمعنى الحقيقة، كما تقول العرب: لقيته ذات يوم. فيؤنثون لأن مقصدهم: لقيته مرة في يوم.
إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم (155)