أحدهما: في العصيان.
والثاني: في الرضى بحالهم، لأن مجالس الكافر غير كافر. وقد نبهت الآية على التحذير من مجالسة العصاة، قال إبراهيم النخعي: إن الرجل ليجلس في المجلس فيتكلم بالكلمة، فيرضي الله بها، فتصيبه الرحمة فتعم من حوله، وإن الرجل ليجلس في المجلس، فيتكلم بالكلمة، فيسخط الله بها، فيصيبه السخط، فيعم من حوله.
الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيمة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (141) قوله تعالى: (الذين يتربصون بكم) قال أبو سليمان: هذه الآية نزلت في المنافقين خاصة. قال مقاتل: كان المنافقون يتربصون بالمؤمنين الدوائر، فإن كان الفتح، قالوا: ألم نكن معكم؟ فأعطونا من الغنيمة. وإن كان للكافرين نصيب، أي: دولة على المؤمنين، قالوا للكفار:
ألم نستحوذ عليكم؟ قال المبرد: ومعنى: ألم نستحوذ عليكم: ألم نغلبكم على رأيكم. وقال الزجاج: ألم نغلب عليكم بالموالاة لكم. و " نستحوذ " في اللغة، بمعنى: نستولي، يقال:
حذت الإبل، وحزتها: إذا استوليت عليها وجمعتها. وقال غيره: ألم نستول عليكم بالمعونة والنصرة؟ وقال ابن جريج: ألم نبين لكم أنا على دينكم؟ وفي قوله [تعالى]: (ونمنعكم من المؤمنين) ثلاثة أقوال:
أحدها: نمنعكم منهم بتخذيلهم عنكم.
والثاني: بما نعلمكم من أخبارهم.
والثالث: بصرفنا سعيد إياكم عن الدخول في الإيمان. ومراد الكلام: إظهار المنة من المنافقين على الكفار، أي: فاعرفوا لنا هذا الحق عليكم.
قوله تعالى: (فالله يحكم بينكم يوم القيامة) يعني المؤمنين والمنافقين. قال ابن عباس:
يريد أنه أخر عقاب المنافقين.
قوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا سبيل لهم عليهم يوم القيامة، روى يسيع الحضرمي عن علي بن أبي طالب أن رجلا جاءه، فقال: أرأيت قول الله [عز وجل]: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين